قبل ليلة زفافي بأيام قليلة أخبرتني هناء -زوجة أخي- أنها حامل في الشهر الثاني بطفلها الثاني.
وبعد زفافي بسبعةِ أشهر وأسبوعٍ واحد جاءتْ إلى الدنيا “لولو” ابنة أخي التي كثيرًا ما أنسى أن اسمها المدوّنَ في شهادة الميلاد هو “لجين”!
لطالما دلّلناكِ يا صغيرتي، ابتداءً من اسمك الذي لا نناديكِ بغيره “لولو”، ومرورًا بكلّ الحب الذي لا نستطيع إخفاءه ونحن نراقبك تكبرين.
أكثرُ من ثلاثة عشر سنة مضتْ على تلك الليلة البهيجة التي زفـّت لي فيها أمّك خبر امتلاء أحشائها بك. وأسمعك يا لولو قبل ليلتين تقولين لي: “يا عمّة، أشهرٌ قليلة ثم سيصبح عمري 13 سنة”.
أخبرتك حينها أنّ عمرك أصغرُ من عمرِ زواجي بسبعة أشهر وأسبوعٍ واحد فقط، فابتسمتِ وأشرقتْ عيناكِ وهتفتِ: أووووه عمّة، هذا يعني أنّ حساباتنا متقاربة!
نعم يا لولو، حساباتي معك -العقلية والقلبية والعددية- أقرب لي من الرمش للحاجب، عدا أنّك تغيظينني بطولكِ الذي بدأ يزيد على طولي منذ عدة أشهر، أنتِ الحلوة اللذيذة تكبرين كـ شجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
لطالما راهنتُ على عقلكِ، روحكِ، واختلافك، وكثيرًا ما كرّرتُ على مسمع أمّك أنّ لولو ليست بنتًا عاديةً ولا كثيرةً في النساء، وعدد أشباهكِ حين نحصيه قليل جدّا.
أراقبكِ بعناية المُحبّ، وأشفق على قلبكِ أن يمسّه مني أو من غيري أيُّ وجع أو حرج أو حتى خيبةٍ صغيرة رغم يقيني أنّ الوجع والخيبة هي أول طريق الفهم والحكمة لكل روحٍ غضّة تكبُر، لكنني يا لولو أحبّك -بل جدًّا أحبّك- ولا عتبَ على المحبين حين يبالغون حبًّا وحرصا.
لا أحب أن تطرقي بابي فلا أفتح، ولا أن تطلبيني المشاركة فأرفض، ولا أسمح لنفسي بأن أراكِ تقتربين مني فأنشغل عنكِ، بل وأعاتب نفسي جدًّا إذا قصّرت في حقك ولو قليلًا، وأشعر أنني مسؤولة عنك وأنتِ تكبرين وتنضجين، وأقول في نفسي دائمًا: هذا القلب الحلو المطيع الحساس الكريم المعطاء هل أجرؤ أصلًا على أن أؤذيه!
ولأنني أعرف أنك تحبين الكتابة والمشاركة قررتُ معك بالأمس أن نبدأ التدوين في دفاترنا الخاصة، وكانت أول خطوة هي اختيار الدفتر لكل واحدة منّا.
تحمستِ وأحضرتِ إلى منزلي ثلاثةَ دفاتر كنتِ قد بدأتِ بالكتابة فيها؛ وأخبرتِني أنّك خصصتِ واحدًا للحديث إلى رفيقتك الخيالية “حنان”، وواحدًا لكتابةِ العبارات المقتبسة التي تمرّ على طريقك فتدهشك، وواحدًا لكتابة يومياتنا.
وبالمقابل، قلّبتُ دفاتري واخترتُ منها اثنين، أحدهما ليومياتي معك، والآخر هو دفتر الخطط (planner) وأخبرتكِ ضاحكةً أن أفكاري التي تثقل أكتافي تصبح خفيفةً جدًّا بمجرد وضعها فيه.
بالأمس كتبنا تدوينتنا الأولى في دفتر اليوميات، ثمّ كتبنا تدوينتنا الثانية هذا المساء، وقد أخبرتْني أمّكِ أنك رجعتِ إلى منزلكم وأنتِ كالفراشة ترفرفين اغتباطًا بمشروعنا الحميم، فاتسعتْ روحي أكثر يا لولو.
أردتُ أن أضع هنا صورة لدفتر اليوميات وللتدوينة الأولى فيه لكنني قررت أنّ ذلك الدفتر لن يكون للعامة، بل هو سرّنا الصغير حتى نقرر البوح لاحقا إن طاب لنا الأمر.
عمّتك تحبك جدّا يا لولو، وتكتب لك كلّ هذا لأنها تريدك أن تقرئي قلبها حين تكبرين أكثر، وأن تعرفي أنّها كانت تراكِ.
عمرٌ مديد يا حبيبتي 😊